كيف نتجنب مزالق الحوار


يعتمد البعض أساليب مبنية عادة على الأخطاء الفكرية الشائعة لتضليل المحاور و إخراجه عن الموضوع، و ذلك بسبب افتقارهم إلى الحجة أو المراجع الدامغة، و لكي نصل بالحوار إلى النتيجة النهائية المرجوة منه، لابد من الانتباه إلى مغالطات كالتالية:

1. تحوير رأي الخصم لإخراجه عن الموضوع، واصطياده: ويكون ذلك بالمغالطة أو المبالغة في عرض الرأي الآخر، مثلا في محاولة لإفحام المدافعين عن البيئة يمكن القول أن تطبيق المعايير الصارمة لحماية البيئة لامردود اقتصادي له، بل على العكس يمكن أن يستهلك كثيرا من الأموال دون طائل، و الحقيقة أن ما نستثمره في حماية البيئة قد لايكون له مردود اقتصادي مباشر و سريع، لكنه يعطي أكله على المدى البعيد.

2. التفكير المنزلق: ويقوم على أن فعلا أو نشاطا ما سيؤدي بالضرورة إلى نتيجة محددة و ذلك دون برهان، كأن نشيع مثلا أن الإكثارمن أكل الجبن يؤدي إلى تساقط الشعر، يستعمل السياسيون هذا المقلب غالبا للدفاع عن وجهة نظر معينة دون أن يتقدموا ببينة منطقية، كأن يقولوا: إن استقبال المهاجرين في بلدنا سيؤدي إلى زيادة الجريمة و ضعف الاقتصاد، في حين أن بعض المهاجرين، الذين يتركون بلادهم في ظروف قاهرة، يكونون من حملة الشهادات العالية و الخبرات و المهارات و الأعمار الفتية، الذين تخسرهم بلدهم الأم لصالح المهجر.

3. الخطأ في ربط النتائج بالأسباب: يكمن الخطأ في هذه الحالة في اعتبار وقوع حادث ما سببا لنتيجة معينة لمجرد أنه وقع قبلها، مثلا ما اعتقده البعض أن ظهور المذنبات هو نذير شؤم بوقوع الحرب، لمجرد أن ظهور بعض هذه المذنبات قد تلاه وقوع حروب كبرى (ظهور مذنب هالي قبل الحرب العالمية الأولى مثلا ...)

4. أبيض أو أسود: يقع الخطأ في هذه الحالة على حصر قرارنا بين خيارين وتجاهل جميع الخيارات التي تقع بينهما كأن اتخذ قرارا بشراء سيارة جديدة من الوكالة لم يركبها أحد من قبلي أو لا أشتري سيارة على الإطلاق، علما بأنه يمكنني شراء سيارة مستعملة لكن وضعها الفني مقبول.

5. الشخصنة: كأن تهاجم شخصا لشكله أو صفاته الشخصية، و تتجاهل أفكاره لأنها لا تعجبك، هذا الخطأ في التفكير يمارسه الكثيرون كل يوم، سببه عدم توفر الحجة لدى الخصم لدحض أفكار غريمة فيهرب من الحوار إلى الصفات الشخصية السلبية للخصم.

6. المحاكاة غير المبررة: يمكن تلخيص هذا الخطأ، بأن يعتقد أحدنا أن ما حصل له سيحصل للآخرين أيضا بالضرورة، مثلا أن ننصح الآخرين بعدم تناول الفيتامينات لأن تناولها لم تفدنا نحن بالذات، متجاهلين أن غيرنا قد يكون مصابا بعوز للفيتامينات.

7. تعميم الخطأ على الجماعة: إذا كان أحد خريجي كلية الطب من الجامعة الفلانية فاشلا في عمله، فهذا لايعني بالضرورة أن يكون جميع خريجيها من الفاشلين.

8. الإجابة بطريقة تم التخطيط لها مسبقا لينحرف النقاش في اتجاه آخر يناسب مصلحتنا،  مثلا في أحد فحوص المقابلة للتوظيف نحاول استدراج الفاحص إلى مناقشة موضوع يعجبه عن احدى الصناعات التي له خبرة فيها، فإذا استهواه ذلك، فسيتحول مسار المقابلة في اتجاه غير المرسوم له  تم إعداد العدة لنصول و نجول فيه.

كيف نتجنب الوقوع في أخطاء الحوار و  التفكيـر؟

1. بالمعرفة و العلم:
كما رأينا، الكثير من أخطاء التفكير سببها “نقص المعرفة”، فكلّما ازداد الإنسان علما كلما توسّعت مداركه وكان تفكيره مستقيماً.

2. بالاستماع إلى الآراء المخالفة:
الاطلاع على الآراء المخالفة يضعف شهوة “الانتصار للرأي” فيصبح البحث عن الحقيقة هو الغاية الكبرى ويساعد على النظر إلى الموضوع من زاوية أخرى، كما يكشف حقائق قد تكون خفيت من قبل.

3. بالحوار الراقي:
الحوار المتمدن الراقي يساعد على تطوير مهارة التفكير، و للحوار شروط و آداب، منها مثلا:
أن يكون موضوع الحوار معلوماً من قبل جميع الأطراف المشاركة فيه، وبالتالي يكون لدى الجميع القدرة على المحاورة والنقاش بشكلٍ فعال وجيد، ولا بدّ من أن يمتلك المتحاورون صفة الاعتراف بالخطأ في حال مخالفة الصواب، و صفة الفهم الإصغاء و الالتزام بالألفاظ الحسنة والمناسبة والابتعاد عن الألفاظ السيئة والبذيئة، و أن يكون الهدف الرئيسي للحوار هو الوصول إلى الحقيقة والصواب والابتعاد عن التشتت وإخفاء الحق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما قاله أعلام علماء المسلمين عن كروية الأرض و شكل الكون

معجزة الشمس

أمثولة الكهف؛ قصة الحقيقة و الوهم