نشوء وازدهار الحضارات والدول والمجتمعات وانحدارها

 

إن مفهوم المجتمع من المفاهيم الأساسية التي ترتبط بالإنسان، وعليه فالمجتمع كمفهوم لا يمكن الحسم في دلالته بشكل كلي لأن هذه الدلالة تتأثر بتداخل عناصر تاريخية وثقافية وحضارية معرفية، والمجتمع: لفظ يدل على تجمع للناس في إطار علاقات متبادلة أو تشارك بين الأفراد، غير أن هذه العلاقات لا تتحدد بشكل عام، بل إن كل مجتمع يمكن أن يتسم بنمطه الخاص وطبيعته المميزة. كما أن وجود المجتمع واستمراره مشروطان بعدد من المؤسسات كالأسرة والمدرسة والإدارات العمومية التي تنظم الرابطة الاجتماعية بين الأفراد من خلال القيم والسياسات المتبعة، فالمؤسسات هي ما يقيمه البشر كأساس لضمان وحدتهم والمحافظة على بقاء المجتمع.

ومن هنا فمن حقنا التساؤل عما يلي:

1.      ما هو أساس الاجتماع البشري؟

2.      هل الفرد حر داخل المجتمع؟  

3.      كيف يحافظ المجتمع على وحدته وبقائه؟

4.      هل يمكن أن ننسب الحضارة إلى جنس بشري معين؟

5.      هل لجغرافيا السكان دور في قيام الحضارة؟

 

حسب "جان جاك روسو"[1] فإن أساس الاجتماع البشري هو التعاقد الاجتماعي، أي أن الناس كانوا في البداية يعيشون في حالة الطبيعة ولم يكن يحكمهم أي قانون، فكانوا يتصرفون وفقا للحرية الطبيعية، لكن ما دفعهم إلى الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع، هو التحول الذي حدث في الطبيعة نفسها، حيث لم تعد كريمة ومعطاء كما كانت في السابق ولم يعد بالإمكان العيش في ظلها بالطريقة المتوحشة الأولى، مما اضطرهم إلى الاتحاد مع غيرهم من الناس من أجل مواجهة الأخطار التي زادت وانتشرت. وبالتالي اتفق الناس على الدخول في عقد اجتماعي بموجبه تم إنشاء دولة وحكومة ووضع قوانين لحماية مصلحة الجماعة وأمنها.

أما أساس الاجتماع البشري عند ابن خلدون[2] فهو أساس فطري، طبيعي، وضروري، فالإنسان لا يستطيع تحقيق حاجاته بمعزل عن الآخرين، لأن الله تعالى خلق الإنسان على صورة لا تصح حياته من خلالها إلا بالغذاء، وهذا الغذاء يحتاج فيه الإنسان إلى التعاون مع بني جنسه كي يحصله، وقد أعطى ابن خلدون مثالا بكمية الحبوب التي يحتاجها الفرد في غذائه فهي تحتاج إلى طحن وعجن وطبخ وكل واحد من هذه الأعمال يحتاج بدوره إلى أدوات وآلات كثيرة تقتضي وجود صناعات متعددة كالحدادة والنجارة ... كما لا يستطيع الدفاع عن نفسه لوحده ضد الأخطار الخارجية التي قد تهدد حياته، بل يحتاج إلى التكتل مع أفراد جنسه في مواجهة تلك الأخطار، لهذا يؤكد ابن خلدون على ضرورة التعاون والتضامن من أجل توفير الغداء والأمن والاستقرار، فيمكن القول تبعا لذلك: أن الإنسان مدني أو اجتماعي بفطرته.

إن المرحلة البدائية والأصل لكل مجتمع هي مرحلة البداوة، وتقتصر علاقات الأفراد في هذه المرحلة على الضروري من شؤون الحياة كالمأكل والملبس واتقاء الأخطار الطبيعية أو البشرية، أما المرحلة التي تلي مرحلة البداوة فهي مرحلة المجتمع الحضري الذي يتجاوز مجتمع البداوة إلى الفن والترف. يحكم أفراد البدو رابط العصبية ونصرة ذوي القربى، وبالتالي فإن الرئاسة فيهم على البطون والقبائل، وتحتفظ القبيلة ببقائها وحكمها ما احتفظت بعصبيتها. يدعم العصبية عاملان هما احترام القبيلة لشيخها أو رئيسها وحاجتها المستمرة للدفاع والهجوم. يمتاز المجتمع البدوي بكثرة الترحال والتنقل بحثا وراء أسباب المعيشة من كلأ وماء، فلا يتوفر له الاستقرار اللازم لنشأة الحضارة وتجلي الإبداع.

أما المجتمع الحضري فيقطن ساكنوه المدن ويتفننون في الترف والملذات والكمال والإبداع والتقدم في أحوالهم، وطبيعة حالة التحضر هي التي تقرر على أهله سبل أخرى للعيش غير التي كانت سائدة في المجتمع البدوي، من هذه السبل الصناعة والتجارة التي تؤدي إلى الترف. إن العصبية بحسب ابن خلدون هي الآلية التي تنقل المجتمع البدوي إلى المجتمع الحضري، من خلال تغير سبل العيش للقبيلة، وهي أساس قيام الدولة، إلا أنها بعد قيام الدولة، تبدأ العصبية بمنازعتها على سلطتها السياسية والاجتماعية بطريقة تهدد الدولة فتحاول الأخيرة التخلص من العصبية المستجدة التي تنازعها سلطتها.

إن ما يسميه ابن خلدون بالعصبية هو ما أطلق عليه (مكيافيلي)[3] اسم الفضيلة وهي القابلية الفطرية للسلطة السياسية وبفضل هذه الصفة يتمكن الزعماء من فرض وجهات نظرهم، بالاستناد إلى الفئات التي تجمعها هذه العصبية.

أما توينبي[4] فيرى أن الانتقال من البداوة إلى التحضر يتم من خلال (نظرية التحدي والاستجابة)؛ صحيح أن للعوامل الطبيعية والمادية أثراً لا ينكر في نشوء الحضارات خاصة في بدايتها، إلا أن العامل الأهم الأساسي والفعال في نشوء الحضارات هو ما يتعلق بالعوامل البشرية، وبالتحديد في إرادة الإنسان وعزمه وتصميمه وسعيه وجده في مواصلة التغلب على العقبات والمشكلات التي تواجهه، وهذا هو الأساس في بناء الحضارة وتطورها. وبرأيه فإن المؤثر الإيجابي في بناء الحضارة هو: "قدرة المجتمع على مجابهة التحديات التي تواجهه، ورده الإيجابي على هذه التحديات"[5] . إن الظروف الصعبة لا السهلة هي التي تحث الإنسان على التحضر، بل إن رفه العيش يحول دون قيام الحضارة، إذ الشدائد وحدها هي التي تستثير الهمم.

''يرى توينبي أن ارتقاء الحضارات لا يتم من خلال استجابة ناجحة لتحدي واحد فقط، ولكن الارتقاء الحقيقي هو ذلك الذي ينجم عن استجابات عديدة ناجحة لتحديات متعددة''[6]؛ '' لأن التحدي الأمثل ليس هو ذلك التحدي الذي يقتصر على استثارة الطرف المُتحدى لينجز استجابة ناجحة بمفردها فقط، ولكن التحدي الأمثل هو الذي يشتمل على كمية الحركة التي تحمل الطرف المتحدي خطوة أبعد من استجابة ناجحة بمفردها إلى مرحلة صراع جديدة، من مشكلة واحدة حلت إلى مواجهة أخرى''[7]، كمن يصعد السلم درجة تلو أخرى ليصل إلى مراقي التقدم والفلاح.

يتساءل" توينبي" عن الارتقاء وكيفية قياسه من خلال طرحه للسؤال التالي: هل يقاس الارتقاء وفقا لسيطرة المجتمع المتزايدة على ما يحيط بالمجتمع من تحديات؟ إذ أن هناك نوعين من هذه السيطرة المتزايدة:

''سيطرة متزايدة على البيئة البشرية التي تتخذ عادة شكل غزو الشعوب المجاورة، وسيطرة متزايدة على البيئة المادية، تعبر عن نفسها بتحسينات في الأسلوب التكنولوجي المادي الذي يجري تسخيره في خدمة المجتمع''[8]

إلا أن توينبي يرى أن كلا من النوعين (السيطرة المتزايدة على البيئة البشرية الخارجية والسيطرة المتزايدة على البيئة المادية المحلية) لا يمثل قاعدة ولا مقياساً مناسباً للارتقاء الحقيقي، فالتوسع الحربي للسيطرة على الشعوب الأخرى هو نتيجة نزعة حربية يعتبرها توينبي قرينة دالة على التدهور، كما لا تبدي التحسينات التكنولوجية بمختلف أنواعها سوى ارتباطاً قليلاً بالارتقاء الصحيح إذا كانت بغير هدف أو مثل أعلى، فقد نمتلك كل وسائل التكنولوجيا التي تسهل حياتنا وتجعلنا ننعم بالدعة والاسترخاء، ولكن ماذا بعد؟ أو ما هو الهدف من حياتنا أصلا، وبماذا سنختلف عن غيرنا من الأحياء التي تعيش على سطح الأرض وتتوفر لها وسائل المعيشة والتكاثر؟ ... يتعدى توينبي كلا من المظهرين السالفين موضحاً أن  قوام الارتقاء الحقيقي هو عملية يُطلق عليها كلمة (التسامي) التي تعني لديه التغلب على الحواجز المادية التي تطغى غالبا على إنسانية الفرد والمجتمع، فليس بالخبز ووسائل الراحة وحدها يحيا الإنسان، بل لابد له من مثل أعلى يسعى إليه، وهنا يأتي دور عملية التسامي التي تعمل على إطلاق طاقات المجتمع من عقالها لتستجيب للتحديات التي تبدو بعد ذلك داخل النفس أكثر منها خارجها[9]، أي أنها روحانية الطابع أكثر منها مادية، ومنه فعملية الارتقاء الحقيقي هي عملية التسامي، وهذه الاخيرة تعني التغلب على الصعوبات المادية، كما تعني إطلاق العنان لطاقات المجتمع لتستجيب للتحديات التي تكون داخل النفس، وأنها روحانية أكثر منها مادية، وهذا يؤدي بنا إلى إظهار العلاقة بين الفرد والمجتمع في حضن عملية الارتقاء والتي يرى توينبي إلى أن فكرة التسامي هي أساسها.

كما يرى توينبي أن للعظماء دورا جوهريا في صناعة التاريخ وهو يعني بالعظماء العلماء والمفكرين والقادة العسكريين، إذ أن دور الريادة في عملية الارتقاء برأي توينبي هو للعظماء أو ما يسميه بالأقلية المبدعة والتي يصفها بشكل دقيق بقوله: ''عصب العالم''. وهي المسؤولة عن عملية الارتقاء فهي التي تفكر وتبدع، كما أن مكانها في المجتمع يحتل الريادة حيث تقود المجتمع إلى درجة أكثر من التحضر فوجودها ضروري في عملية الارتقاء.

يتصف فعل المبدع بأنه حركة مزدوجة قوامها الانسحاب والعودة، الانسحاب بغية الاستنارة والعودة رجاء إنارة رفاقه، أي أن المبدع يقوم بعملية الاعتزال أو الانسحاب والتي يهدف من خلالها إلى إدراك أفكار جديدة وتطلعات أكبر، ثم يقوم هذا الأخير المنسحب أو المعتزل بعملية العودة لكي يلهم رفاقه في المجتمع وينيرهم بما اكتسبه من عملية العزلة، كما أن لهذه الظاهرة (الاعتزال والعودة) تجل واضح في حياة عدد من الأنبياء والرسل التي تمثلت في هداية الأمم، مثال ذلك موسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم.

يقول توينبي عن فكرة الانسحاب والعودة في كتابه "الفكر التاريخي عند الإغريق":

''أن الحضارة إذا تغلبت على التحدي، يمكن أن تمضي في الطريق من جديد، ويمكن أن تعود لتتابع التقدم، أو يمكن أن تتجمد إلى أن يشاء الله لها الحياة أو السكون أو الموت''.[10]

 بمعنى أن توينبي يعتبر أن مرحلة الانسحاب والعودة هي مرحلة تظهر بها الحضارة بقوة أكبر مما كانت عليه بفضل الانعزال، فالانسحاب بغرض جمع القوى، والعودة بغرض تبيان تلك القوة التي وصلت إليها. أي أن سياسة العزلة والعودة ليست حكرا في نظر توينبي على الأفراد فقط، بل نجد لهما مثالاً في تاريخ المجتمعات الصغرى والتي قامت بالانسحاب والعودة، مثل إيطاليا وإنجلترا اللتين اعتكفتا مرتين، الأولى قبل عهود النهضة والثانية في العصور الوسطى وما تجلى عن هذا الاعتكاف من عودة كل من إيطاليا وانجلترا بقوة دفعت الحضارة الغربية للنهوض.

ومثلما يولد الإنسان ضعيفاً ثم يشتد عوده حتى يبلغ أشده، فإذا قُدّر له بعد ذلك أن يُعمَّر فإنه يرد في آخر أيام حياته إلى أرذل العمر، كذلك حضارة الأمم، فبعد عملية الارتقاء إلى الذروة تأتي عملية الانهيار والتحلل؛ لقد تساءل توينبي عن هذه المرحلة بقوله: ''إن كنا قد رأينا أن ارتقاء الحضارة كان بفضل قوة مبدعة تتحكم في تقرير مصير هذه الحضارة، يبقى لنا أن نرى إن كنا نستطيع أن نفسر انهيار الحضارات بفقدان هذه الطاقة''[11].  وهنا يتساءل توينبي بالتحديد: هل سبب الارتقاء الذي كانت وراءه الطاقات الإبداعية للأقلية الحاكمة هو نفسه سبب الانهيار إذا فقدت هذه الفئة طاقاتها الإبداعية، وبعبارة أخرى هل الإبداع سبب الارتقاء وفقدان الإبداع سبب الانهيار؟

يعتبر توينبي أن مشكلة سقوط الحضارات أشد وضوحا من مشكلة ارتقاء الحضارات، وما يؤكد هذا قوله في كتابه "مختصر دراسة التاريخ" وبالتحديد في بداية الفصل الثالث عشر: ''إن مشكلة انهيار الحضارات، أشد وضوحا من مشكلة ارتقائها''.

يركز توينبي على أن عملية انهيار الحضارات إنما هي عملية داخلية، فالعامل الرئيسي في انهيار الحضارة هو فقدان الأقلية الحاكمة للطاقة المبدعة فيها، تلك الطاقة التي لها تأثير السحر على الشعب، ومنه فالسقوط أو الانهيار يكون سببه حسب توينبي سببا داخليا بالدرجة الأولى وليس ناتجا عن غزو خارجي،  وهكذا يفسر انهيار الحضارات بتحلل المجتمعات من الداخل قبل أن يأتيها غزو من الخارج ليجهز عليه، ذلك أن الغزو الخارجي في مثل هذه الحالة يمثل الضربة القاضية أو الشعرة التي تقصم ظهر البعير في مجتمع يلفظ أنفاسه الأخيرة، و يتمثل الانهيار بالتحديد في فقدان الأقلية والنخبة الحاكمة لطاقتها الابداعية التي كانت رمزا لها في قيادة الحضارة، وهنا نستحضر المثال الذي قال به (أحمد محمود صبحي) في كتابه "في فلسفة التاريخ":

''ولكن ماذا يفعل الزمار حين يفقد مهارته، فيعجز عن إغراء أقدام حاضري الحفل عن الاستجابة بالرقص؟ إنه يحاول في ثورة غضبه أن يفرض نفسه بالقوة على الجموع، فيستبدل بالمزمار سوطا يلهب به ظهورهم من أجل أن يحتفظ بمركز ليس جديرا به''.  أي أن الأقلية المبدعة تصبح بعد فقدان طاقاتها الإبداعية أقلية مسيطرة، وتحاول من خلال تلك السيطرة أن تغطي ذلك الفراغ الذي تركته الإبداعات فيحل الظلم والجور مكان الإبداع، ومنه فعدم مجابهة الأقلية المبدعة للتحديات الجديدة والمتتالية سيرمي بها إلى أحضان التعسف والسيطرة بعدما كانت في أحضان العامة والأكثرية.

ولعلنا نجد تجلياً واضحاً لفكرة الظلم والجور من طرف الأقلية الحاكمة على الشعب في فكر مكيافيلي، إذ يقول هذا الأخير أنه: ''من الضروري أن يجد الحاكم أو (الأمير) كل الأنظمة والوسائل والحلول التي تمكنه من إدامة حكمه ''. [12] وهنا يبقي مكيافيلي المجال مفتوحاً أمام الوسائل التي يحاول الحاكم من خلالها الحفاظ على حكمه، حتى ولو كان ذلك بالقوة.

ومنه يمكننا القول: إن أية حضارة من الحضارات لا يمكنها أن تنهار من الخارج دون أن تكون قد تآكلت من الداخل، ومنه أيضا لا يمكن بأي حال من الأحوال قهر وهزم أي إمبراطورية من الخارج إذا لم تكن قد انتحرت، والانتحار هنا يعني به الصراع الداخلي الذي قام بفعل افتقاد الطبقة المبدعة لطاقاتها الإبداعية، مما تسبب في فتنة داخلية ولكن إذا كان سبب الانهيار في نظرية توينبي راجعا بالأساس إلى فقدان الأقلية الحاكمة طاقتها الإبداعية، وما ينتج عن ذلك من انحلال اجتماعي يؤدي إلى غياب الولاء فيقع الانهيار، فإن السؤال المطروح هنا بإلحاح، ما هي لأسباب التي جعلت القلة المبدعة تفقد إبداعها؟

لقد عبر توينبي عن سبب فقدان القلة المبدعة لإبداعها  بالكلمة اليونانية "hybia" وهي تعني "التكبر والغرور والأنانية" بمعنى أنه إن واجه حضارة معينة تحدي معين وواجهته بنجاح فذلك ربما سيدفعها إلى أن تخلد إلى الراحة بعد ذلك وأن تبتعد عن حيويتها واستعدادها لمواجهة الأخطار ولو مؤقتا، وهذا يخلق احتمالاً كبيراً في عدم قدرتها في المستقبل على مواجهة تحدي آخر مما يؤدي إلى الفشل، أي أن ابتعادها عن استعدادها الدائم لمواجهة التحديات الجديدة، سينجم عنه عدم قدرتها على التغلب على التحدي القادم، فالمبدع يقع في آفة خطيرة بعد افتتان الناس به وبإنجازاته ويطمئن إلى ما حقق من نجاح، وفي هذه الحالة لا تبقى طاقته الكامنة في حالة تفجير مستمر، بل تنكمش وتميل إلى الراحة، فتعزف الأغلبية عن اتباع الأقلية بعد قصور إبداعاتها، وبالمقابل تتحول الأقلية المبدعة إلى أقلية مسيطرة ومستبدة، فيسحب المجتمع الولاء والثقة منها، ويعاديها ويسعى جاهدا إلى إسقاطها. أي أن المبدع يصيبه مرض العظمة، ولكن بعد فقدانه لطاقته الإبداعية يصبح أنانيا وظالما بحيث تقلق الرعية منه وتحاول أن تطيح به بشتى الوسائل، فقد أصبح عالة ومرضاً يجب استئصاله من المجتمع لأنه ليس جديرا بمركزه، مما يؤدي إلى ظهور فتن داخلية تنبئ بالانحطاط الوشيك نتيجة الصراع بين الطبقة المسيطرة التي كانت في يوم من الأيام مبدعة، وبين الشعب من الداخل الذي يحاول التخلص من الحكم وبين الدول الخارجية التي تتحين الفرص للانقلاب على الحكم واستئصال شأفته.

بعد فقدان الأقلية المسيطرة لطاقاتها الإبداعية واهتزاز ثقة الأغلبية من الشعب بها تلجأ إلى مجموعة من الألاعيب لتبرير بقائها في الحكم وإيهام الأغلبية بأنها مازالت قادرة على الإبداع، من ذلك مثلاً:

- تظاهر الأقلية المسيطرة باستعادة واسترجاع مواقفها السابقة.

-مقاومة ظهور أي إبداع جديد لأن هذا يشكل خطرا على مكانتها.

-محاولة التوسع الخارجي لإشغال الغالبية عما يحدث في الداخل.

- الظهور بمظاهر التقدم المادي والتكنولوجي ولو ظاهريا من غير المشاركة في صنع هذا التقدم لإيهام الغالبية بأن الأمور مازالت بخير وتحت سيطرتها.

في هذه المرحلة وبينما تنشغل الأقلية الحاكمة في صنع الفتوحات الخارجية والتوسع الجغرافي يستفيد المبشرون بالأديان من فترة الاضطرابات ليبشروا بها في أوساط العامة، مستغلين الوحدة التي ترسيها الإمبراطوريات الآفلة من خلال حشد الأغلبية وراء فتوحاتها، سواء كانت هذه الوحدة سياسية أو لغوية أو مالية أو تشريعية، هذه الأديان تساهم في نشر مقومات الحياة ونقل الإبداع إلى حضارات جديدة. تقوم الأديان بدور الأمومة هنا للحضارات الجديدة التي ستنهض مستقبلاً، ولعل أبرز مثال على ذلك ولادة الحضارتين المسيحية الشرقية والغربية على أنقاض الحضارة الهيلينية عن طريق العقيدة المسيحية، كما أن كلاً من الحضارتين الإيرانية والعربية ابنتا الحضارة السريانية التي تلتها الحضارة الإسلامية.

لا يتلخص دور الأديان في أنها تحمل بذور الحضارات القديمة وتحتضنها من أجل إنجاب حضارات جديدة فحسب، بل إنها تضفي على الحضارات الجديدة بعض خصائصها ومن ثم تكسبها الحيوية والإبداع.[13]

تجدر الإشارة إلى أن للجانب الديني الأثر البالغ في تكوين الحضارة حسب توينبي الذي يرد نشأة الحضارات إلى الأديان إذ يقف وراء كل حضارة من الحضارات الموجودة ديانة عالمية وعقائد دينية كانت سببا في صنع تاريخ هذه الحضارة، وهو ما سنعود إليه في نهاية هذا المقال من خلال محاولة إسقاط نظرية التحدي والاستجابة لتوينبي على حضارة قامت من فكرة دينية أو من عقيدة دينية وهي الإسلام.

تمثل الدولة بالنسبة للحضارة المعتبرة السياج والحصن المنيع الذي يحتضنها ويحميها ويضمن لها الاستمرارية والحياة، فلا تقوم حضارة من غير دولة تقود السياسة والمجتمع.

يقرر ابن خلدون أن هناك سببين رئيسيين يؤديان إلى نشوء الدولة وهما: حفظ أمن المجتمع والعصبية:

يقول ابن خلدون:

"فالناس إنما يجتمعون في تحصيل المعاش، ابتداء بما هو ضروري وبسيط قبل الحاجي والكمالي، فمنهم من يستعمل الفلح (الزراعة) ومنهم من ينتحل القيام على الحيوان، ومن هؤلاء من ينتحل الصنائع، ومنهم من ينتحل التجارة"[14] ، ومنه فالاجتماع ينتج التضامن والاتفاق بين الناس، خاصة على كل ما هو ضروري، لكن الناس قد يتنازعون أمرهم وتتناقض مصالحهم وهنا يبرز دور الدولة التي تنظم أداة للضبط وحفظ مصالح الأفراد بما يضمن الصالح العام، ذلك أن: "الملك منصب طبيعي للإنسان وقد بينا أن البشر لا تمكن حياتهم ووجودهم إلا باجتماعهم وتعاونهم على تحصيل قوتهم وضروراتهم، وإذا اجتمعوا دعت الضرورة إلى المعاملة واقتضاء الحاجات ومد كل منهم يده إلى حاجته بأخذها من صاحبه لما في الطبيعة الحيوانية من الظلم وعدوان بعضهم على بعض واحتاجوا من أجل ذلك إلى الوازع وهو الحاكم عليهم وهو بمقتضى الطبيعة البشرية الملك القاهر المتحكم"[15]

فالدولة ضرورة حتمية ينصرف إليها المجتمع، لأنها تهذب حيوانية الإنسان المتمثلة في الطبيعة البشرية التي تهوى التملك والاستحواذ على أملاك الغير ولو بالقوة مما يؤدي إلى فوضى عارمة تستدعي التنظيم ممثلا في الدولة، فالدولة ضرورة ملحة للاجتماع الإنساني ورادع مهذِّب لغرائزه.

أما العصبية فتتولد من القرابة وتتباين حسب النسب قربا أو بعدا وقد تشمل أهل الولاء والموالي والمصطنعين، والعصبية التي انتصر لها ابن خلدون ليست تلك التي سادت في الجاهلية بل العصبية الإيجابية التي يرتجى منها غرض طيب ومسلك محمود.

هل يمكن أن ننسب الحضارة إلى جنس معين؟ أو هل يمكن للفوارق البيولوجية بين الأجناس البشرية أن تكون علامة فارقة في ميلاد وبناء الحضارة؟ يعرف توينبي الجنس بداية كما يلي: "والجنس في الاصطلاح يستخدم للتعبير عن توفر صفات مميزة وموروثة في جماعات معينة من البشر، والصفات الافتراضية للجنس التي نبحث عنها هنا إنما هي السجايا النفسية أو الصفات الروحية التي يفترض وجودها بالفطرة في بعض المجتمعات"[16]

تناول توينبي القضية العرقية بتحفظ شديد، فهي بالنسبة له قضية تتسم بشدة الغموض، كما أن ما زعمه "الأثنولوجيون"[17] بشأنها لا يصح الوثوق به، وهذا ما عبر عنه بقوله: "بيد أن علم النفس وبخاصة علم النفس الاجتماعي دراسة لا تزال في المهد"[18].

يرى توينبي اخفاق النظريات الأثنولوجية في تفسير عملية النشوء الحضاري، فالقول بتفوق الجنس الأبيض والادعاء بأن أبناء هذا الجنس هم الذين أنشؤوا الحضارات وأمدوها بالعبقريات والإبداع، والقول بامتياز العنصر الجرماني على غيره، كما والزعم (البريطاني-الإسرائيلي) القائل بأن بريطانيا العظمى ذات أصل إسرائيلي يتحدر من القبائل الإسرائيلية العشر التائهة، هذه الأقوال تتهاوى أمام "الدراسة الحضارية المقارنة" التي قام بها توينبي، والتي يرى من خلالها أن (نظرية الجنس) نظرية عنصرية بالدرجة الأولى، والقاعدة التي ارتكزت عليها هي قاعدة التفرقة بين الأجناس من خلال الصفات والمزايا البيولوجية خاصة ما يتعلق بلون البشرة، يقول: "إن أكثر نظريات الحضارة العنصرية شيوعا هي تلك النظرية التي تضع على منصة الشرف السلالة ذات البشرة البيضاء والعيون الشهباء والرأس الطويل التي يدعوها البعض بالإنسان النوردي ويدعوها نيتشه بالوحش الأشقر"[19]

إن أبرز دليل اعتمده توينبي في تفنيده لنظرية الجنس هو رجوعه إلى علم أصول السلالة ونتائج تحليله، والذي وصل علماؤه إلى أن أصول السلالات البشرية تقسم الناس البيض حسب صفاتهم البيولوجية إلى ثلاثة أجناس: (النوردي والألبي وجنس البحر المتوسط)، أي أن الجنس الأبيض ليس حكرا على الغرب كما يوضح أن كل جنس من هذه الأجناس قد ساهم في بناء العديد من الحضارات أو المشاركة فيها، ويذكر أن النورديين قد ساهموا في خمس حضارات هي: الهندية والهيلينية والغربية والمسيحية والأرثودوكسية الروسية، كما ساهم الألبيون في سبع وربما تسع حضارات وهي (السومرية، الحيثية، الهيلينية، الغربية، المسيحية، الأرثودوكسية الأصلية والفرع الروسي منها، والإيرانية وربما المصرية والمانوية)، كما ساهم سكان حوض البحر المتوسط في عشر حضارات هي: (المصرية والسومرية والمينوية والصليبية والغربية والمسيحية والأرثودوكسية والإيرانية و العربية والبابلية)[20]

لقد أبدى توينبي اعجابه بالمسلمين الذين أرجعوا الفرق بين البشر إلى عوامل روحية وليست بيولوجية وبالتحديد إلى التقوى، وأنهم تجاوزوا فكرة العرق، ويقول في ذلك: "لقد أثبت المسلمون ترفعهم عن الأخذ بالعرق كعامل اصطفاء والدليل الأكثر اقناعا على ذلك هو تزويج بناتهم للمسلمين من ذوي البشرة السوداء"[21]

أي أن توينبي لم يرفض دور الجنس في بناء الحضارة بالمطلق بل قلل من الأهمية التي أعطاها له أصحاب نظرية الجنس واعتبره عاملا بين عوامل كثيرة أخرى، وأرجع انتشار مثل هذه النظريات إلى أنانية بعض مؤرخي الغرب.

 

تمثل البيئة مجموعة الأشياء والظواهر المحيطة بفرد أو موضوع أو موقع معين وتؤثر فيه. يرى توينبي أن البيئة ليست عاملا أساسيا في نشوء الحضارات الأولى فحوض (مرى ودارلنك) الذي يقع في استراليا يتشابه مع وادي النيل ووادي دجلة والفرات جغرافيا، ومع ذلك لم تنشأ فيه أي حضارة كما أن وادي الأردن لم يكن يوما مركزا لأي حضارة وكذلك وادي السند ... أي لا يمكن اعتبار البيئة سببا رئيسيا في انبعاث الحضارة، وهذا ما عبر عنه بوضوح في كتابه مختصر دراسة التاريخ بالقول: "وعلى أية حال فإنه لا الجنس ولا البيئة قد قدما أو يمكن أن يقدما دليلا عن سبب حدوث هذا التحول العظيم في التاريخ البشري، لا في أماكن ولا في تواريخ معينة"[22]

 

وللدولة مثل أعلى تسعى إليه فهي واسطة تصل مدينة الأرض بمدينة السماء. بالتالي فإن التاريخ هو مسار مستمر وسعي حثيث نحو مملكة السماء، يقول توينبي:

"إذا كانت الديانة عربة، فيبدو أن العجلات التي تسير بها نحو السماء هي تعاقب الحضارات على الأرض"[23]

لقد رأى توينبي أن حركة تقدم التاريخ هي حركة دورانية تتجه إلى الأمام، ولقد تأثر في مفهومه لدورة الحضارة بالعلامة (ابن خلدون)، فقد نظر ابن خلدون إلى الدولة نظرته إلى كائن حي يولد ثم يكتمل ثم يموت، وعلى هذا الأساس تمر الدولة بثلاثة مراحل تسمى بالأجيال وهي:

الجيل الأول: وهو جيل البداوة الذي يتميز أهله بالخشونة والبسالة، لأن صورة العصبية ما زالت متجذرة فيهم، كما أن طبيعة عيشهم لم تتغير فلا زالوا يقتصرون على الضروري من العيش.

يقول ابن خلدون: "لم يزالوا على خلق البداوة وخشونتها وتوحشها من شظف العيش والبسالة والافتراس والاشتراك في المجد، فجانبهم مرهوب والناس لهم مغلوبون"[24]

 الجيل الثاني: "والجيل الثاني تحول حالهم بالملك والترف من البداوة إلى الحضارة ومن الشظف إلى الترف"[25] فهو جيل الحضارة التي هي تفننٌ في الترف والملذات وإحكام الصنائع الذي تتباهى به بين الأمم، إلى أن يصبح الترف أخيراً عالة على الدولة، بحيث يؤدي إلى خراب العمران وهو ما سيكون في الجيل الثالث، حيث عبر عنه (عبد السلام الجفائري) بقوله: "الترف رغم أنه مظهر الحضارة لكنه أيضا هادمها، فهو غاية العمران ولكنه مؤذن بنهايته أيضا"[26] . إن حياة البذخ والترف مفسدة للحضارة.

. الجيل الثالث: ينسى أصحاب هذا الجيل عهد الخشونة والبداوة وحلاوة العز والعصبية ويبلغ الترف فيهم غايته ويفسد أخلاقهم وطباعهم، فينقلب التناصر إلى تنافر والتعاضد إلى تخاذل والتضامن والكفاح من أجل المصالح المشتركة إلى نزاع وصراع من أجل مكاسب ذاتية ومصالح خاصة. يقول ابن خلدون في ذلك: "فتظهر مظاهر الظلم إلى جانب الترف، وهوما يدل على خراب العمران وسقوط الدولة"[27] وهو ما أشار إليه قوله تعالى: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" الإسراء-16

يقول ابن خلدون عن أفول الحضارة: "وهو من الأمراض المزمنة التي لا يمكن دواؤها ولا ارتقاؤها لأنه طبيعي، والأمور الطبيعية لا تتبدل"[28].

وكما تمر الدولة حسب ابن خلدون بأجيال، فتولد ثم تعمر ثم تهرم فترد إلى أرزل العمر، فإنها تمر في حياتها بأحوال وأطوار نلخصها فيما يلي:

 الطور الأول: "الطور الأول هو طور الظفر بالبغية، وغلب المدافع والممانع والاستيلاء على الملك وانتزاعه من يد الدولة السابقة، فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة قومه في اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية، لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هو مقبض العصبية التي وقع بها الغلب"[29] وهذا ما يؤكد فكرة الدورة الحضارية عند ابن خلدون.

الطور الثاني: "هو طور الاستبداد على قومه، والانفراد دونهم بالملك، وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة، ويكون صاحب الحكم في هذا الدور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصناع والاستكثار من ذلك لجدع أنوف عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه"[30].

الطور الثالث: "طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك، مما تنزع طبائع البشر إليه من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت، فيستفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج وإحصاء النفقات، والقصد فيها، وتشييد المباني الحالقة والمصانع العظيمة والأمصار المتسعة والهياكل المرتفعة"[31]  . يشهد هذا الطور أيضا بداية تدهور الحضارة لأنه يعرف الترف والإسراف في التمتع بالملذات.

الطور الرابع: "صاحب الدولة في هذا الطور يكون قانعا بما بنى أولوه سلما لأنصاره من الملوك وأقتاله، مقلدا للماضين من سلفه"[32]

الطور الخامس: وهو طور الإسراف والتبذير، وفيه يقول ابن خلدون: "فيكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه، فيكون مخربا لما كان سلفه يؤسسون، وهادما لما كانوا يبنون، وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهدم ويستوي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه، ولا يكون لها معه براء إلى أن تنقرض"[33]

نلاحظ أن مفهوم العصبية عند ابن خلدون يقابله مفهوم الأقلية المبدعة عند توينبي، ويربط الاثنان نظرية نشأة الدولة وامتدادها ومثلها الأعلى بالدين.



[1] . جان جاك روسو ‏ ولد في جنيف، سويسرا في 28 يونيو 1712 وتُوفي في إيرمينونفيل، فرنسا في 2 يوليو 1778، هو كاتب وأديب وفيلسوف وعالم في وراثة النبات، يعد من أهم كتّاب عصر التنوير، وهي فترة من التاريخ الأوروبي، امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلاديين. ويكيبيديا

[2] . أَبُو زَيْدٍ وَلِيُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الرحمن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن جَابِر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ الرحمن بن خَلْدُوْن الْحَضْرَمِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ الشهير اختصاراً بِـ «ابن خَلْدُون»: عالمٌ من علماء العرب والإسلام برع في علم الاجتماع والفلسفة والاقتصاد والتخطيط العمراني والتاريخ بنى رؤيته الخاصة في قراءة التاريخ وذلك بتجريده من الخرافات والروايات التي لا تتفق والمنطق؛ ليكون أوّل من طبق المنهج العلمي على الظواهر الاجتماعية. ويكيبيديا

[3] . ) نيكولا مكيافيلي. (Niccolò Machiavelli، ولد في فلورنسا، 3 مايو، 1469 - تُوفي في فلورنسا، 21 يونيو، 1527، فيلسوف سياسي إيطالي إبان عصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبح فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب (الأمير)، والذي هدف مكيافيلي منه أن يكون كتيب تعليمات للحكم. نُشرَ الكتاب بعد موته، وقد أيد فيه فكرة أن (الغاية تبرر الوسيلة)، وهي صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية.

 

[4] . أرنولد جوزف توينبي، بالإنجليزية: (Arnold J. Toynbee) مؤرخ بريطاني ولد في 14 أبريل 1889 في لندن وتوفي في 22 أكتوبر 1975. أهم أعماله موسوعة دراسة للتاريخ، وهومن أشهر المؤرخين في القرن العشرين.

 

[5] . غنيمات مصطفى عبد القادر: الحضارة والفكر العالمي، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، طبعة1، 2009، ص70.

[6] . أمنة تشيكو: مفهوم الحضارة عند مالك بن نبي ا وأرنولد توينبي، ص 95.

[7] . توينبي أرنولد: مختصر دراسة للتاريخ، ج 1، ص 312-316.

[8] . تشيكو أمنة: مفهوم الحضارة عند مالك بن نبي وأرنولد توينبي، ص 79.

[9] . النشار مصطفى: فلاسفة أيقظوا العالم، ص 378.

[10] . أرنولد توينبي: الفكر التاريخي عند الإغريق، ص 14.

[11] . Toynbee Arnold: L’Histoire, p81.

[12] . مكيافيلي: الأمير، ترجمة أكرم مؤمن، مكتبة ابن سينا للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2006، ص 42.

[13] . توينبي أرنولد، مختصر دراسة للتاريخ، ترجمة: فؤاد محمد شبل، ج 3، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2011. ص 139.

[14] . ابن خلدون عبد الرحمن، تاريخ ابن خلدون، دار الكتاب العلمية، بيروت، ط1، 1992، ص 105

[15] . ابن خلدون، المقدمة، ج1، ص 105

.[16] نفسه، ص 87

[17] . علم الأعراق أو الأثنولوجيا فرع من الأنثروبولوجيا يبحث في أصول الشعوب المختلفة وخصائصها وتوزّعها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويدرس ثقافاتها دراسةً تحليلية مقارنة أيضاً. ويكيبيديا

[18] . المرجع 16 نفسه، ص87

[19] . توينبي أرنولد: مختصر دراسة للتاريخ، ج1، ص 87-88

[20] . مصطفى النشار، فلسفة التاريخ، ص 249-250.

[21] . بوفضة هدى: دور الدين في بناء الحضارة في فلسفة أرنولد توينبي، المسيحية نموذجا، ص 23.

[22] . توينبي أرنولد، مختصر دراسة للتاريخ، ج1، ص 100.

[23] . Toynbee Arnold, Civilization on trial, Oxford University Press, London, 1956, P255.

[24] . نفسه، ص 134

[25] . نفسه، ص134

[26] . محمد عبد السلام الجفائري: مشكلات الحضارة عند مالك بن نبي، الدار العربية للكتاب، تونس، 1984، ص 166.

[27] . ابن خلدون عبد الرحمن: المقدمة، ج1، ص302.

[28] . نفسه، ص310.

[29] . المقدمة، ج1، ص138.

[30] . نفسه، ص138.

[31] . نفسه، ص139.

[32] نفسه، ص139.

[33] . نفسه، ص139.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما قاله أعلام علماء المسلمين عن كروية الأرض و شكل الكون

معجزة الشمس

أمثولة الكهف؛ قصة الحقيقة و الوهم