ماذا لو سقطت السماء على الأرض


السماء هي كل ما علاك فأظلّك، لذلك يمكننا القول أن الغلاف الجوي المحيط بالأرض (The earth atmosphere) سماء، تماما كما يمكننا القول أن الفضاء الخارجي الذي يلف الأرض و الأجرام السماوية الأخرى جميعا من نجوم و كواكب و أقمارهو سماء أيضا، كما أن سطح أي كوكب أو قمر يعلونا يمكن وصفه على أنه سماء، أيضا فالغمام و السحاب سماء.
سنتحدث اليوم عن الزرقة الجميلة التي نشاهدها فوقنا عندما يكون الجو صحوا في النهار و التي نسميها السماء، و هي في الحقيقة الغلاف الجوي الذي يتكون من غاز النتروجين بنسبة أربعة أخماسه و الأكسجين بنسبة الخمس و من غازات نادرة أخرى، و يلف الأرض إلى ارتفاع يبلغ حوالي 480 كيلو مترا. كيف اتخذت هذه السّماء اللون الأزرق؟  لمعرفة ذلك لا بد أن نتعرّف على كيفية رؤية الألوان، الحقيقة أن غازات الغلاف الجوي التي تتكون منها السماء عديمة اللون، لذلك تتشح القبة السماوية بالسواد ليلا، و من يقف على سطح القمر لن يستمتع بزرقة السماء كما نراها من الأرض لأن القمر لا غلاف غازي له.

يتكون ضوء الشّمس الذي يُجَلِّيه النهار من ألوان الطيف السّبعة، وحين يسقط على الأجسام فإنها تمتص بعض الألوان وتعكس الألوان الأخرى، والألوان التي نراها هي الألوان المنعكسة فقط أما الأجسام البيضاء فنراها كذلك لأنها تعكس جميع الألوان ولا تمتص شيئاً، والأجسام السّوداء تمتص كل الألوان ولا تعكس شيئاً. عندما يصل ضوء الشّمس إلى الغلاف الجوي للأرض فإنّه يصطدم بمكونات الغلاف الجوي من غازات وجزيئات الهواء، فيتشتت جزء منه ويُمتّص الجزء الآخر، وهذا ما يُعرف بتبعثر ريليه، بالإنجليزيّة،(Rayleigh scattering) و لايظهر من ألوان الطيف سوى الأزرق. في بعض الأحيان تظهر السّماء رماديّة؛ وذلك بسبب وجود قطرات من الماء على شكل سُحُب، أو رطوبة في الغلاف الجوي، فتعمل قطرات الماء على عكس جميع ألوان الطيف؛ ممّا يعني أنّنا نرى ضوءاً أبيض باهتاً، أما عند شروق الشّمس وغروبها، فيميل لون السّماء إلى الحُمرة، ويعود ذلك لأنّ أشعة تخترق الغلاف الجوي بشكل مائل يجعلها أبعد ظاهرياً عن الأرض، ويمكنها من اختراق الطبقات المنخفضة في الغلاف الجوي، كما يوضح الفيديو التالي:


إن وزن الغازات في الغلاف الجوي يبلغ حوالي ألف مليار طن (واحد مسبوقة ب 15 صفرا)، بمعنى أن هذا الغلاف لو سقط فوق رؤوسنا لكانت حصة كل متر مربع من سطح الأرض حوالي 10 طن أو ما يقابل وزن باص من باصات نقل الركاب.
لكن، هل يمكن تسقط السماء أم أن هذا مجرد هراء؟
تقوم وكالة الفضاء الأميركية (NASA) بدراسة غيوم الغلاف الجوي باستمرار من خلال القمر الصناعي  (TERRA)   الذي يحمل على متنه مطيافا لقياس كثافة الطاقة الإشعاعية المنبعثة من الأرض (MISR=Multi angle Imaging Spectro Radiometer):  و بالتالي تحديد التغيرات الطارئة على كثافة الغيوم و ارتفاعها عن سطح الأرض، وقد تبين أن متوسط ارتفاع هذه الغيوم قد انخفض بحدود 100 ميل أو حوالي 160 كيلو مترا خلال العقد الفائت، أي بنسبة 1% من متوسط السنوات قبل ذلك.  

كَسْف من السحاب يكاد يلامس الأرض

لا أحد يعرف سبب هذه الظاهرة بعد، كما أننا لا نستطيع البناء على نتائج هذه التجارب لقصر مدتها، لكن وكالة الفضاء الأميركية (NASA) ستستمر في هذه الأبحاث لعشر سنوات قادمة على الأقل* و لو تبين أن ارتفاع السحاب آخذ في الهبوط فعلا، فإن للأمر توابعه الجسيمة على مناخ الكرة الأرضية بالكامل فالغيوم المرتفعة تحجز كمية من حرارة الأرض و تمنعها من التسرب إلى الفضاء الخارجي، أما الغيوم المنخفضة فتعمل كمظلة تحجب أشعة الشمس و تمنعها من ملامسة الأرض، بمعنى آخر فإن جو الأرض سيتعرض لانخفاض تدريجي في درجة الحرارة قد يؤدي على المدى الطويل لعصور جليدية كالتي مرت بها الأرض سابقا و أدت إلى انقراض الديناصورات وغيرها من الحيوانات الضخمة. 



انقرضت الديناصورات و الحيوانات الضخمة في العصر الجليدي بسبب احتباس أشعة الشمس خلف الغبار و الغيوم التي لفت الأرض

---------------------------------------

*. انظر أيضا الفيديو في المقال التالي:



تعليقات

  1. سبحان الله العظيم..ونريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم..صدق الله العظيم
    مطالعة علمية هامه...سبحان الله عندما يبحر الانسان في خلق التكوين بقف عاجزا امام عظمة الخالق عز وجل..أخي العزيز ابو حسام..
    شكرا لما تقدمه من مواضيع علمية ومعرفية هامه تغني العقل البشري
    وتسهم في اتساع آفاق الادراك عنده..
    دمت واسرتك الكريمة بالف خير وسعاده

    ردحذف
  2. بارك الله فيك و حفظك و رعاك أخي الكريم أبو أحمد، حقا كما تفضلت هناك كنوز من العلم و المعرفة في العالم حولنا لو بحثنا عنها و تفكرنا فيها لأدركنا عظمة الخالق، و فهمنا الغاية من وجودنا خلال رحلتنا العابرة في هذه الحياة. لك و لأسرتك الكريمة أطيب التحية و التقدير.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما قاله أعلام علماء المسلمين عن كروية الأرض و شكل الكون

معجزة الشمس

أمثولة الكهف؛ قصة الحقيقة و الوهم