أفول الحضارة العربية الإسلامية
تبدأ قصة اعتقال العقل العربي المسلم بملحمة التفكير والتكفير التي جرت بين اثنين من قامات الفلاسفة المسلمين، هما الغزّالي وابن رشد، قامتان لم يجمعهما الزمان ولا المكان، بل حب الحقيقة : تناول الغزّالي الفلاسفة بالتحليل التفصيلي، وذكر أصنافهم وأقسامهم، وما يستحقونه من التكفير بحسب رأيه، مما هو ليس من الدين، واعترف في الوقت نفسه بما جاؤوا به من علوم تجريبية ناجحة، بذلك اعتُبر الغزّالي أول عالم ديني يقوم بهذا التحليل المنهجي للفلسفة، إذ قسّم الغزّالي علوم فلاسفة اليونان إلى العلوم الرياضية، والمنطقيات، والطبيعيات، والإلهيات، والسياسة، والأخلاقيات، وكان جلّ انتقاد الغزّالي وهجومه على ما يتعلق بالإلهيات من الفلسفة، إذ كان يرى فيها أكثر أخطاء الفلاسفة، وقد كفّر الغزّالي فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفلسفة اليونانية، وألّف كتاباً مخصوصاً للرد عليهم سمّاه "تهافت الفلاسفة"، وفيه هاجم الفلاسفة بشكل عام والفلاسفة المسلمين بشكل خاص، وخاصة ابن سينا والفارابي الذين هاجمهما هجوماً شديداً، فمهّد دون أن يعلم للقضاء على الفلسفة العقلانية في العالم الإسلامي منذ ذلك الحين ولعدة قرون متواصلة. ربما...